الوصف
كلمة التحرير
===========
من الطبيعي أن تخصص مجلة في مستوى مجلة “إسلامية المعرفة” في غايا ومقاصدها عددًا خاصًا بالتربية: فالتربية هدف وغاية في تكوين الشخصية الإنسانية عقليًا ونفسيًا ووسيلة، وأداة لتحقيق تلك الغاية، وهي نهج وسبيل لا يمكن تجاوزه لأولئك الذين يريدون بناء أمم، أو تجديدها إذا طال على الأمة الأمد وقست منها القلوب، وتراجعت فيها الحضارة، وتخلف فيها العمران.
لقد نص علماؤنا الأقدمون: أن شرف العلم وفضله مرتبطان بالنظر إلى شرف موضوع العلم وفضله. وموضوع “التربية” هو الإنسان وتزكيته وتطهيره وتأهيله لأداء دوره في إعمار الكون وبنائه، وتجديد ذلك العمران إذا أصابه التقادم والبلى. فالإنسان هو المنشئ لحالة العمران بما حباه الله من قوى وعي وحرية اختيار وقدرات ومؤهلات تمكنه من الوفاء بمتطلبات الاستخلاف والعمران.
وكل هذا الذي منحه الانسان لا يساعده – كما هو – على تحقيق حالة “الفاعلية والقدرة” علي أداء “الفعل العمراني”، بل العكس هو الأصح؛ إذ قد يقوده ذلك إلى التخريب والعبث في الأرض والإفساد فيها، إذا لم يأخذ الإنسان حظه من التربية، ونصيبه من التعليم والتجريب والتدريب واكتساب الخبرات والمعارف والمهارات. ولذلك كان أول ما بدأ الله به آدم بعد خلقه والعهد إليه بالاستخلاف، تعليمه الأسماء -كلها- ثم توجيهه لأداء المهام التي خلق من أجلها، وذلك بالجمع بين قرائتين، في كتابين: كتاب مسطور ينزل به الوحي على رسل الله وأنبيائه الذين اصطفى ليعلموا الناس وليقدموا لهم النموذج الصالح والأسوة الحسنة، ويرشدوا مسيرتهم في أداء ما أوكل إليهم؛ وكتاب مخلوق مبسوط منشور بين أيديهم، عليهم أن يمارسوا فيه فعل العمران بعد أن يعرفوه، ويتدربوا على التعامل معه وفقًا لتوجهات الهداية التي وصلتهم على أيدي رسل الله..
ومنذ بدء الخليقة والتعليم والتربية يسيران جنبًا إلى جنب لتحقيق غاية الحق من الخلق بل إن البعض يطرح رأيًا طريفًا حول “معصية آدم والهبوط من الجنة” او ما يعرف في …
بحوث ودراسات
==============
يعرض الجزء الأول من البحث صوراً من مشكلات الواقع التربوي، كالتقصير التعليمي، والاستبداد الذي أدى إلى فشل المناهج التعليمية، والغزو التعليمي الذي أدى إلى إعادة صياغة العقل المسلم وفقاً لرغبات المستعمر، والانشطار التعليمي بين الديني والمدني، وقصور التربية الدينية. وفي الجزء الثاني قدم الباحث معالم النهوض الحضاري في المجال التربوي، متضمناً: التأصيل الإسلامي للعلوم التربوية، والعدالة التعليمية، والتنمية العقلية التي تحرر العقل المسلم من التقليد والجمود، والتربية العمرانية القائمة على مفاهيم الاستخلاف والتسخير، في ضوء التوجيهات القرآنية والنموذج النبوي.
مهد الباحث ببيان التحديات التي تواجه الخطاب التربوي الإسلامي، بادئاً بضبط مصطلحات الخطاب، والتربية، والإسلام، ثم انتقل إلى تعداد سماته المنشودة، مثل تنوع الخطاب، وشكله، وعقلانيته، مناقشاً الأسئلة المحورية: لماذا نُعلّم، وماذا نُعلم، وكيف نُعلم، وكيف نُقوّم التعلم؟ ومناقشاً شعارات: “تعلم لتعرف” و”تعلم لتعمل” و”تعلم لتكون” و”تعلم لتشارك الآخرين”. ومشيراً إلى أهمية “المنهج الخفي” الذي يتشربه الطالب من قيم، ومعتقدات، وأفكار، ومعايير للسلوك ليست معلنة. ثم تناول البحث التربوي بوصفه نسيجاً يتكامل فيه: الفهم والاستيعاب، والوصف والتشخيص، ومعالجة المواقف وتطويرها لتكون أكثر إنتاجاً.
الملخص
رأي وحوار
===================
يحاول الكاتب في هذه الورقة توضيح العلاقة بين الرؤية الكونية والأداء التربوي، وكيف أنّ تصحيح المناهج المعرفية المتبعة في المناهج التربوية أمر ضروري لنجاح الإصلاح التربوي. ولتحقيق تلك الغاية حاول الكاتب متابعة السيرة التاريخيّة للفكر والثقافة الإسلامية ومناهجها المعرفية وما لحق بها من تغير وتطور يعكس الرؤية الكونية للأمة على مدى عصورها المتلاحقة، كما حاول معرفة أثر الظروف البيئية على التغيرات التي طرأت على هذه الرؤية، وبالتالي على مناهج المعرفة اللازمة للتجاوب مع هذه التطورات وأثر ذلك وانعكاسه على المناهج التربوية وتكوين العقلية والنفسية لأبناء الأمة في مختلف المراحل التي مرّ بها تاريخ الأمة وحضارتها حتى اليوم.
وتأتي أهمية فهم هذه العلاقات لأننا نستطيع -من خلال فهم العلاقة بين الرؤية الكونية ومناهج المعرفة ومناهج التربية- إعادة صياغة هذه الرؤية والمناهج كيما تستجيب لحاجات الأمة في واقعها المعاصر وظروفها وإمكاناتها، والتحديات التي تواجهها في هذا العصر، وبذلك يمكننا إعادة بناء عقلية أبنائنا ونفسياتهم، وهما ركيزتان يقوم عليهما بناء المجتمع وأداء أفراده ومؤسساته، وترسمان طريق عطاء الأمـة العمراني والحضاري. وأي إصلاح لا يقوم على فهم كلي شمولي لهذه العلاقات يكون إصلاحاً عشوائياً، لا يكتب له النجاح ولا يؤدي إلى تحقيق أهدافه الأساسية.
كما تستعرض هذه الورقة طبيعة الرؤية الكونية التي جاء بها القرآن الكريم ومناهج الفكر التي انبثقت عنها، ثم ما طرأ على مجتمع الصدر الأول ومنطلقاته من تغيرات نجم عنها الصراع والفصام بين صفوة الفكر والعلماء، وصفوة السياسة والحكم والسلطان وكيف أثر ذلك على قدرة كل فريق على أداء دوره، وما نجم بالتالي عن ذلك من تشويه للرؤية الكونية الإسلامية التي أدت إلى تغيير في مناهج الفكر لكي تصبح -مع ما صحبها من فكر ومنطق نظري إغريقي- مناهج جزئية انعكست على ثقافة الأمة ومناهجها المعرفية لتصبح رؤية اجتماعية قاصرة فردية سلبية ذات مناهج معرفية جزئية نظرية استظهارية، تثبط الدوافع وتقضي على طاقات المبادرة والإبداع في الأمة، يأخذ بها الآخرون من يد الأمة قصب السبق، وينتهي آخرها إلى الضعف والعجز والهوان.
ولكي تتضح الرؤية فإنّ البحث يبدأ بالنظر في الواقع المسلم القائم وما يحتويه من السلبيات ووجوه النقص والقصور، منقباً في ماضي الأمة عن الجذور والأحداث التي ساهمت في صياغة الواقع الراهن بهدف تحقيق فهم أعمق يعين على تكوين رؤية مستقبلية إصلاحية فعّالة، مبنية على فهم سليم لمواطن القوة والضعف في كيان الأمة، وعلى معرفة حقيقية بعوامل النمو والتغيير في ذلك الكيان …
——————–
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.