الوصف
كلمة التحرير
===========
الإبداع” من “أَبْدَعَ” إذا أوجد شيئاً لا على مثال سابق. ومنه اشتقت “البدعة” باعتبارها أمراً يقوم الإنسان به دون استناد إلى أصل شرعي أو دليل معتبر. وإذا تجاوزنا الجانب السلبيّ المتعلق بالبدعة منه؛ لأنه غير ما نتحدث عنه، نجد “الإبداع” صفة في غاية الأهميّة، عمل الإسلام على أن يجعل منها خصيصة عامة شاملة يتصف بها كل مسلم ومسلمة، في مواجهة سائر شؤون الحياة وشجونها وتحدياتها المتشعّبة.
وحين نعمل الرؤية الكلية التي بناها القرآن، نجد الحياة الدنيا هي المرحلة الوحيدة، من بين مراحل عدة ممتدة من “عالم الذر والعهد” حتى “عالم الجنة أو النار”، التي يجد الإنسان نفسه فيها مكلّفاً ومسؤولاً ومستخلفاً ومؤتمناً ومبتلى. وقد سُخِّر الكون -كله- لتمكينه من القيام بهذه المسئوليات والأعباء الضخمة. وفي كل هذه الأمور هو في حاجة لاستنفار طاقاته كلها: العقليّة والنفسيّة والبدنيّة؛ ليتمكن من القيام بالجهود التي تتطلبها هذه المهام. فما من شيء منها إلاّ وهو في حاجة إلى الإنسان في كينونته وكليّته وجميع طاقاته. والتحديات التي تطرحها عليه هذه المهام، مهام الاستخلاف والائتمان والابتلاء، تحتاج منه -للقيام بها- إلى قدرة إبداعيّة. والقدرة الإبداعيّة يحتاجها وهو يخطط للقيام بهذه المهام، وفقاً لقدراته ومعطيات بيئته وسائر ظروفه، ليوقعها على أتم وأحسن وجه؛ بحيث تتحقق بها غايات الحق من الخلق، وتُتقَن وتؤدَّى على الوجه الذي ينبغي أن تكون عليه، وبدون ذلك فإن الإنسان قد يقصِّر لأنه لا يجد بين يديه كلَّ شيء جاهزاً، بحيث يمكنه أن يقلد فيه ويتابع ويحقق ما يريد بمجرد المتابعة والتقليد، فلا غنى إذن عن التحلّي بالقدرة الإبداعيّة، التي من شأنها أن تجعل الإنسان قادراً على إعداد الوسائل والأسباب، ومعرفة العلل والحكم والمقاصد والغايات، وطرق الفهم والفقه والتمثّل والأداء، وكل منها لا يمكن تحقيقه بدون الإبداع والطاقات الإبداعية للإنسان.
والنظر العقلي في الكون والوجود وفي الأنفس والآفاق، لا يمكن القيام به دون تحل بالطاقات والقدرات الإبداعيّة. ومثله القيام باستقراء أدلة الخلق على الحق، مثل دليل الخلق والإبداع، ودليل العناية والرعاية، ودليل ضبط النِّسب والسُّنَن والموازين. كل تلك الأمور في حاجة إلى استحضار الطاقة الإبداعيّة. فالطاقة الإبداعيّة بحدّ ذاتها مطلب شرعي ومقصد إيمانيّ، لا يعذر القادر على تحقيقه به بالتخليّ عنه أو عدم اتخاذ ما يلزم لتحقيقه …
بحوث ودراسات
==============
جاءت هذه الدراسة محاولة تحليلية لبلورة مفهوم الإبداع الإسلامي في نطاق نسقي، وتوضيح الثوابت المفهومية في النسقية الإسلامية، وبيان العلاقة النسقية الإسلامية والعقل الإبداعي الإسلامي، ومتطلبات تفعيل الإبداع الإسلامي. جاء ذلك كلّه ضمن المحاور الآتية: الإبداع في الدراسات الإسلامية السابقة، ومفهوم الإبداع، ودلالاته في القرآن الكريم، وفي السنّة النبوية، وفي المرجعيات اللغوية، ومسارات العمل الإبداعي، والمقدمات التنظيمية لتفعيل مفهوم الإبداع في الواقع الإسلامي، ومتطلبات الواقع الحضاري.
الملخص
يتخذ البحث أصول الفقه وبعض المقررات الفقهية، مثل فقه المعاملات، والفقه المعاصر، والمقارن. . . حالة لدراسة هذه المسائل باعتبارين: أولها: أنه مجال تخصصي؛ وثانيهما: أنها مقررات تعبر عن المنهج العلمي لعملية التفاعل بين العقل ونصوص الوحي في استخراج الأحكام الشرعية.
وقد ناقشت الدراسة المسائل الآتية: طرق التدريس التقليدية والتفكير الإبداعي، ونحو منهج جديد للتدريس الفعّال، ومستويات التفكير الإبداعي في العملية التعليمية، ولمحات إبداعية في دعاوى تجديد منهج أصول الفقه، ثم خاتمة تبين آفاق هذه الدراسة، وهي أن يُراعى عند تدريس العلوم الشرعية أنها موجهة لحياة المسلمين دنيا وديناً.
يعدّ البحث عرضاً لتجربة عملية في تدريس مادة التفكير الإبداعي في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، والتجربة تقوم على المحاور الآتية:
الخطوات العملية الأولى التي اتخذتها إدارة الجامعة للبدء في تدريس مهارات الإبداع ضمن المقررات العلمية الجامعية، وهي: 1- تقويم أداء الطلبة ومنهج تدريس المقرر، 2- بعض العقبات التي واجهت الأساتذة في تدريس المقرر، وكيف تمّ التغلب عليها، 3- إشكالات حول تدريس الإبداع ومناقشتها. ثم خاتمة تقرر ضرورة قيام مشروع “المجتمع المبدع”، وذلك بضرورة العناية بتدريس مهارات الإبداع في كل مراحل التعليم.
——————–
قراءات ومراجعات
===================
انطلقت حياة الإنسان على وجه الأرض منذ أمد بعيد مليئة بالمخاطر ومحفوفة بالغموض، لكن الإنسان منذ عصر مبكر بدأ يتطلع إلى معرفة جوانبها الخفية، واكتشاف نواميسها الطبيعية والاجتماعية، ليسهل له بعد ذلك التحكم فيها وتسخيرها لما يصلح لحياته، مما جعل الإنسان الأول ومسيرته مع الطبيعة والحياة تتراوح ما بين نصر وهزيمة وفشل ونجاح، ثم ما بين تراجع مرحلي وارتقاء زمني في سلم الرقي. لكننا وبعد تأمل يسير في مسيرة المجتمعات البشرية الأولى، ندرك أن الأداة التي وظّفها الإنسان في معالجة القضايا الاجتماعية، والطبيعية، والفكرية، كانت “التفكير أو التفكر”، وهي المادة التي إن حرمت منها أمّة من الناس، فإن حياتها تتحول إلى قحط أبدي، وتصبح الأعداد البشرية بدونها وكأنها أكوام من الخشب أو همل بلا إرادة -إن صح التعبير. ولأهمية التفكير والتفكر للحياة البشرية، أشار العلماء إلى أن الرصيد الحقيقي لأمّة مّا، ليست البنايات العالية والعمارات الفاخرة فحسب، بل الأفكار والمبادئ الفكرية، وأنماط التفكير المشكلة لأذهان الأفراد، والمتداولة في أوساطها أيضاً. بل إن بقاء الإنسان على الأرض مشروط بالتفكير والتفكر، مما يعني أن الأمة التي تصاب بجدب الأفكار التي تنقذها من المآزق الاجتماعية والكوارث الطبيعية، فإن وجودها مهدد بالزوال وأيامها مهددة بالفناء. ولهذه الأهمية كان التفكر مجال واسع للدراسة والبحث فيه، وتطوير أساليبه، وتحديد أنماطه، ومعرفة عوائقه لدى العلماء المعاصرين والقدماء بما فيهم المسلمين وغيرهم.
ولقد تناولت أقلام المفكرين المسلمين وخاصة المعاصرين منهم، التفكير ومجالاته، إلا أن الذي يجعل هذا الكتاب فريداً من نوعه -حسب تقديري- هو شموله النظرة الإسلامية والغربية للموضوع وخاصة الجوانب التاريخية والحديثة أو الأصالة والمعاصرة منها، من جانب، ثم من جانب آخر، جمع المادة المتعلقة بالإشكالية …
——————–
يهدي عبد الجبار الرفاعي كتابه الأخير: مقدمة في السؤال اللاهوتي الجديد، إلى زوجته: انتزال الجبوري، اعترافاً منه بالدعم العاطفي والمعنوي والفني المتدفق الذي أحاطته به زوجته الكريمة، موفرة -بود كبير- مناخاً مثالياً للكاتب في التفرغ لانشغالاته الفكرية واهتماماته الثقافية؛ وإلى صديقه: ماجد الغرباوي، اعترافاً أيضاً بفضله في انبثاق الأسئلة، التي أدت إلى قدح شرارة الأفكار الجديدة في لقاءاتهما الودية الطويلة الكثيرة، التي كانت تأخذ شكل وهوية الحوارات الثقافية العفوية الحرة، في الحوزة العلمية في مدينة قم الإيرانية؛ حيث كان يقيم الاثنان منخرطين في مشهد ثقافي عراقي فريد من نوعه، يزاوج بين الهم الثقافي المنتمي إلى الثقافة العربية خارج الحدود، والهم الثقافي الإيراني وليد السؤال السياسي والمعرفي المهجوس بالتواصل مع الآخر، في بيئة ثقافية وسياسية تميل إلى الاختلاف وربما الانقطاع.
يؤكد الرفاعي أن تاريخ البشرية هو تاريخ الأسئلة الكبرى، وبالتالي فإنه لا ينشغل بالإجابات النهائية -أو أنها ليست همه الأول- في سعيه لتقديم قراءة جديدة للدين، قراءة متخففة من الإرث التاريخي الكبير، الذي يثقل ظهر الدين والمتدينين في هذا العصر، وقراءة ملتحقة بالركب المعرفي والعلمي الحديث، تتبنى أساليبه في البحث والتقصي والاستفهام والاستدلال والاستنتاج، في حرص واضح على عدم التفريط بالدين والحفاظ على الإيمان، الأمر الذي يميز عبد الجبار الرفاعي والتيار الذي ينتمي إليه، أو بالأحرى يمثله، باعتباره رائدا …
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.